شرح حديث فراش للرجل ، وفراش لأهله والثالث للضيف وَالرَّابِعُ لِلشَّيْطَانِ
السؤال
ما صحة حديث: (لا تدخل الملائكة بيتا فيه فراش للشيطان)
هل معنى الحديث -إن كان صحيحا- هو التحذير من الإسراف فقط، أم ماذا؟
ثم ما حكم من كان يملك بيتا آخر في بلد إقامته، كالذي يعمل في بلد ويسافر في إجازته لبلده، وتكون لديه عدة سرر، له ولعائلته لا تستخدم إلا شهرين في السنة.
أفيدونا جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فلا نعلم حديثا بلفظ: "لا تدخل الملائكة بيتا فيه فراش للشيطان" ولعلك تعني حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فِرَاشٌ لِلرَّجُلِ، وَفِرَاشٌ لِأَهْلِهِ، وَالثَّالِثُ لِلضَّيْفِ، وَالرَّابِعُ لِلشَّيْطَانِ. رواه مسلم وأبو داوود والنسائي.
ومعناه، قال في عون المعبود: (فِرَاشٌ لِلرَّجُلِ) أَيْ فِرَاشٌ وَاحِدٌ كَافٍ لِلرَّجُلِ (وَالرَّابِعُ لِلشَّيْطَانِ) قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ فَاتِّخَاذُهُ إِنَّمَا هُوَ لِلْمُبَاهَاةِ، وَالِالْتِهَاءِ بِزِينَةِ الدُّنْيَا. وَمَا كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَهُوَ مَذْمُومٌ، وَكُلُّ مَذْمُومٍ يُضَافُ إِلَى الشَّيْطَانِ؛ لِأَنَّهُ يَرْتَضِيهُ وَيُحَسِّنُهُ، وَقِيلَ إِنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَإِنَّهُ إِذَا كَانَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، كَانَ لِلشَّيْطَانِ عَلَيْهِ مَبِيتٌ وَمَقِيلٌ. اهـ.
وقال صاحب المفاتيح شرح المصابيح: قوله: "الرابع للشيطان"؛ يعني: ما زاد على قدر الحاجة إسراف، والإسرافُ من فعل الشيطان. اهـ.
قال الأمير الصنعاني: قيل: هل يحرم اتخاذ الفراش الرابع الذي أخبر صلى الله عليه وسلم أنه للشيطان؟ قلت: قيل لا يحرم، وإنما هو من قبيل أن الشيطان ليستحل الطعام الذي لا يذكر اسم الله عليه، ولا يدل ذلك على التحريم. اهـ.
ولا حرج في تملك بيت في بلد آخر، والنزول فيه عند زيارته، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل مكة وقيل له: أَتَنْزِلُ فِي دَارِكَ بِمَكَّةَ؟ فَقَالَ: «وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ، أَوْ دُورٍ» والحديث في الصحيحين.
ولا حرج أن يتخذ فيه ما يحتاجه من الفرش عند زيارته، ولا يعتبر هذا إسرافا ولا إيواء للشيطان، ولم نجد كلاما لأهل العلم في كون الفراش الزائد إذا تُرِكَ غير مطوي نام عليه الشيطان، ولا في الحث على طيه.
والله تعالى أعلم.