ما معنى قوله تعالى (ويل للمطففين )
انت في الصفحة 1 من صفحتين
الجواب
أولًا:
أصل المعنى في هذه الآية البخس في المكيال والميزان، ويدل على ذلك سبب نزول الآية الكريمة، وقد ثبت عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ كَانُوا مِنْ أَخْبَثِ النَّاسِ كَيْلًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ. فَأَحْسَنُوا الْكَيْلَ بَعْدَ ذَلِكَ".
رواه ابن ماجه (2222)، وحسنه الألباني.
ومعنى التطفيف، "يعني: الذين ينقصون الناس، ويبخسون حقوقهم في الكيل والوزن، وأصله: من الشيء الطفيف، وهو النزر القليل، وإناء طَفّان: إذا لم يكن ملآن، ومنه قيل للقوم يكونون سواء في حسب أو عدد: هم كطف الصاع، أي: كقرب الملء منه ناقص عن الملء".
انظر: "تفسير الطبري" (24/185)، "تفسير الثعلبي" (29/31).
والمطفف في اللغة: "المُقَلِّلُ حَقَّ صاحبِ الحقِّ عَمَّا لَهُ من الوفاء في كيل أو وزن"، انتهى من "الهداية الى بلوغ النهاية" (12/8114).
قال "ابن كثير": "فَالْمُرَادُ بِالتَّطْفِيفِ هَاهُنَا: البَخْس فِي الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ، إِمَّا بِالِازْدِيَادِ إِنِ اقْتَضَى مِنَ النَّاسِ، وَإِمَّا بِالنُّقْصَانِ إِنْ قَضَاهم. وَلِهَذَا فَسَّرَ تَعَالَى الْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ وَعَدَهُمْ بالخَسَار والهَلاك وَهُوَ الْوَيْلُ، بِقَوْلِهِ: الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ أَيْ: مِنَ النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ أَيْ: يَأْخُذُونَ حَقَّهُمْ بِالْوَافِي وَالزَّائِدِ، وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَيْ: يَنْقصُونَ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ-تَعَالَى-بِالْوَفَاءِ فِي الْكَيْلِ وَالْمِيزَانِ، فَقَالَ: وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا [الْإِسْرَاءِ: 35] ، وَقَالَ: وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا [الْأَنْعَامِ: 152] ، وَقَالَ: وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ [الرَّحْمَنِ: 9] . وَأَهْلَكَ اللَّهُ قَوْمَ شُعَيْبٍ ودَمَّرهم عَلَى مَا كَانُوا يَبْخَسُونَ النَّاسَ فِي الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ".
انتهى من "تفسير ابن كثير" (8/ 346-347).
ثانيًا:
ومع كون المعنى الذي تدل عليه الآية في الأصل في المكيال والميزان، إلا أنها تشير إلى العدل في كل أمر، ومن هنا ذهب بعض العلماء إلى تعميم التطفيف عام في كل قول وعمل، ولا يختص بالتطفيف في الكيل والميزان.
قال ابن عطية: "والمطفف: الذي ينقص الناس حقوقهم، والتطفيف: النقص، أصله من الشيء الطفيف وهو النزر، والمطفف إنما يأخذ بالميزان شيئًا طفيفًا.