ﻟﻤﺎﺫﺍ .. ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ .. ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﻴﻪ "ﺷِﻔﺎﺀ، " ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻞ ﺩﻭﺍﺀ !؟
انت في الصفحة 2 من صفحتين
والثاني: بالأدوية الإلهية.
والثالث بالمركب من الأمرين" انتهى.
ثم قال رحمه الله في (4/ 162): "فصل في هديه - صلى الله عليه وسلم - في رقية اللديغ بالفاتحة.
أخرجا في " الصحيحين " من حديث أبي سعيد الخدري، قال: " انطلق نفر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم ، فأبوا أن يضيفوهم ، فلدغ سيد ذلك الحي ، فسعوا له بكل شيء ، لا ينفعه شيء !! فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا ، لعلهم أن يكون عند بعضهم شيء ؟ فأتوهم ، فقالوا: يا أيها الرهط إن سيدنا لُدِغ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم والله إني لأرقي، ولكن استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براقٍ حتى تجعلوا لنا جعلا، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يتفل عليه، ويقرأ: الحمد لله رب العالمين، فكأنما أنشط من عقال، فانطلق يمشي، وما به قَلَبَة. قال: فأوفَوْهُم جُعْلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقتسِموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنذكر له الذي كان، فننظر ما يأمرنا، فقدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكروا له ذلك، فقال: وما يدريك أنها رقية؟ ، ثم قال: قد أصبتم؛ اقسموا، واضربوا لي معكم سهما .
وقد روى ابن ماجه في " سننه " من حديث علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( خير الدواء القرآن ) .
ومن المعلوم أن بعض الكلام له خواص ومنافع مُجَرَّبة، فما الظن بكلام رب العالمين، الذي فضلُه على كل كلام، كفضل الله على خلقه، الذي هو الشفاء التام، والعصمة النافعة، والنور الهادي، والرحمة العامة، الذي لو أُنزِل على جبل؛ لتصدع من عظمته وجلالته.
قال تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [الإسراء: 82] [الإسراء: 82] . و" من " هاهنا : لبيان الچنس ، لا للتبعيض، هذا أصح القولين ، كقوله تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الفتح: 29] [الفتح: 29] ، وكلهم من الذين آمنوا وعملوا الصالحات؛ فما الظن بفاتحة الكتاب التي لم ينزل في القرآن، ولا في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور مثلها، المتضمنة لجميع معاني كتب الله، المشتملة على ذكر أصول أسماء الرب - تعالى - ومجامعها، وهي الله، والرب، والرحمن، وإثبات المعاد، وذكر التوحيدين: توحيد الربوبية، وتوحيد الإلهية، وذكر الافتقار إلى الرب سبحانه في طلب الإعانة، وطلب الهداية، وتخصيصه سبحانه بذلك"
إلى أن قال: "ولقد مر بي وقتٌ بمكة سقمت فيه، وفقدت الطبيب والدواء، فكنت أتعالج بها، آخذ شربة من ماء زمزم وأقرؤها عليها مرارا، ثم أشربه، فوجدت بذلك البرء التام، ثم صرت أعتمد ذلك عند كثير من الأوجاع فأنتفع بها غاية الانتفاع" انتهى.
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: " إن الله جل وعلا ما أنزل داء إلا وأنزل له شفاء، علمه من علم وجهله من جهل، وأن الله سبحانه وتعالى جعل فيما أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم - من الكتاب والسنة - العلاج لجميع ما يشكو منه الناس، من أمراض حسية ومعنوية، وقد نفع الله بذلك العباد، وحصل به من الخير ما لا يحصيه إلا الله عز وجل" انتهى من فتاواه (3/ 453).
ثانيا:
مما جُرِّب في العلاج من الأمراض الحسية بالقرآن: كتابة بعض آياته في ورق، وجعله في ماء، والاستشفاء بذلك الماء:
قال ابن القيم رحمه الله : "ورخص جماعة من السلف في كتابه بعض القرآن وشربه، وجعل ذلك من الشفاء الذي جعل الله فيه.
كتاب آخر لذلك (أي لعلاج عسر الولادة) يكتب في إناء نظيف: ( إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ) ، وتشرب منه الحامل ويُرش على بطنها.
كتاب للرعاف: كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله يكتب على جبهته: ( وَقِيلَ يَاأَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ) . وسمعته يقول: كتبتها لغير واحد، فبرأ . فقال: ولا يجوز كتبتها بدم الراعف كما يفعله الجهال، فإن الدم نجس، فلا يجوز أن يكتب به كلام الله تعالى.
كتاب لۏجع الضرس: يكتب على الخد الذي يلي الۏجع : بسم الله الرحمن الرحيم ( قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ) . وإن شاء كتب : ( وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ).
كتاب للخُرّاج: يكتب عليه : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا * فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا )" انتهى من "زاد المعاد" (4/327-329).
ثالثا:
لم نقف على علاج الصلع بالقرآن، لكن الأمر كما تقدم من أن القرآن شفاء، إذا وجد اليقين والعزم وصدق اللجوء إلى الله تعالى، ثم الشفاء من عند الله رب العالمين، وبمشيئته، وقدره، كما هو الحاصل في عامة ما يتداوى الناس به من الأدوية الحسية. فكم يتداوى الناس بدواء حسي، يصفه أعلم الناس بطبهم، ثم لا يكون فيه شفاؤه؛ أفيمنع ذلك أن يكون هذا الدواء سببا في الشفاء، أو يطعن بذلك على علم الطبيب؟!
والله أعلم.