من المقصود بالمنادى فى قوله تعالى ."فَناداها مِن تَحتِها أَلّا تَحزَني قَد جَعَلَ رَبُّكِ تَحتَكِ سَرِيًّا"
فحملته يعني عيسى فانتبذت به أي بعيسى .
ثم قال بعده فناداها فالذي يظهر ويتبادر من السياق أنه عيسى .
والقرينة الثانية أنها لما جاءت به قومها تحمله وقالوا لها ما قالوا أشارت إلى عيسى ليكلموه كما قال تعالى عنها فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا 19 29 وإشارتها إليه ليكلموه قرينة على أنها عرفت قبل ذلك أنه يتكلم على سبيل خرق العادة لندائه لها عندما وضعته وبهذه القرينة الأخيرة استدل سعيد بن جبير في إحدى الروايتين عنه على أنه عيسى كما نقله عنه غير واحد و أن في قوله ألا تحزني هي المفسرة فهي بمعنى أي وضابط أن المفسرة أن يتقدمها معنى القول دون حروفه كما هنا فالنداء فيه بمعنى القول دون حروفه ومعنى كونها مفسرة أن الكلام الذي بعدها هو معنى ما ص 395 قبلها فالنداء المذكور قبلها هو لا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا .
فتوسطا عرض السري وصدعا مسجورة متجاورا قلامها
وقول
لبيد
أيضا يصف نخلا نابتا على ماء النهر
سحق يمتعها الصفا وسريه عم نواعم بينهن كروم
وقول الآخر .
سهل الخليقة ماجد ذو نائل مثل السري تمده الأنهار
فقوله سريا وقولهما السري بمعنى الجدول وكذلك قول الراجز
وقال بعض أهل العلم السري هو
عيسى
والسري هو الرجل الذي له شرف ومروءة يقال في فعله سرو بالضم وسرا بالفتح يسرو سروا فيهما وسري بالكسر يسري سرى وسراء وسروا إذا شرف ويجمع السري هذا على أسرياء على القياس وسرواء وسراة بالفتح وعن
سيبويه
الأفوه الأودي
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ولا سراة إذا جهالهم سادوا
ويجمع السراة على سروات ومنه قول
قيس بن الحطيم
وعمرة من سروات النساء تنفح بالمسک أردانها
ومن إطلاق السري بمعنى الشريف قول الشاعر
تلقى السري من الرجال بنفسه وابن السري إذا سرا أسراهما
وقوله أسراهما أي أشرفهما قاله في اللسان .
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له أظهر القولين عندي أن السري في الآية النهر
ص 396
الصغير والدليل على ذلك أمران
أحدهما القرينة من القرآن فقوله تعالى
فكلي واشربي
قرينة على أن