معلومة ابكت من عرفها ما معنى (كهعيص) في بداية سورة مريم؟
انت في الصفحة 1 من صفحتين
قوله تعالى: (كهيعص) من الأحرف المقطعة، وهو فاتحة سورة (مريم). وهذه الحروف ليس لها معنى، يعني: في نفسها؛ وإن كان لها مغزى تشير إليه!!
وهذا التقرير مبني على أنَّ الحرف في لغة العرب لا معنى له، والقرآن نزل بلغتهم؛ كما قال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [يوسف: 2]، والعرب لم تجعل للحرف المفرد معنى، فحرف الصاد بمفرده لا معنى له، وكذا حرف الدال، وحرف القاف، لكن إذا جمعتها إلى بعضها تركَّب منها كلمة لها مدلول، وهي صدق، وهكذا غيرها من الأحرف التي هي مباني الكلام.
ولما كان الحرف لا معنى له في لغتهم، فإنه لا يُتطلَّب لهذه الأحرف معنى محدّدٌ تدلُّ عليه.
وإذا تأمَّلت جمهور تفسير السلف، وجدته راجعًا إلى هذا التحرير الذي ذكرناه.
وقد أشار إلى ذلك بعض المحققين. قال الراغب الأصفهاني (ت: بعد 400):
«... وقال: أَلَمْ ذَلِكَ الْكِتَابُ [البقرة: 1 - 2] تنبيهًا على أن هذا الكتاب مركب من هذه الحروف التي هي مادة الكلام».
وقال: إن المفهوم من هذه الحروف..: ما ذهب إليه المحققون من أهل اللغة؛ كالفراء وقطرب ـ وهو قول ابن عباس وكثير من التابعين على ما نبينه من بعد ـ وهو أن هذه الحروف لما كانت عنصر الكلام، ومادته التي يتركب منها؛ بيَّن تعالى أنَّ هذا الكتاب من هذه الحروف التي أصلها عندكم، تنبيهًا على إعجازهم، وأنه لو كان من عند البشر لما عجزتم ـ مع تظاهركم ـ عن معارضته.
وقال: «وما روي عن ابن عباس أن هذه الحروف اختصار من كلمات، فمعنى: ألم: أنا الله أعلم، ومعنى ألمر: أنا الله أعلم وأرى، فإشارة منه إلى ما تقدم. وبيان ذلك ما ذكره بعض المفسرين: أنَّ قصده بهذا التفسير ليس أن هذه الحروف مختصة بهذه المعاني دون غيرها، وإنما أشار بذلك إلى ما فيه الألف واللام والميم من الكلمات، تنبيهًا أن هذه الحروف منبع هذه الأسماء، ولو قال: إنَّ اللام يدل على اللعن، والميم على المكر، لكان يُحتمل، ولكن تحرَّى في المثال اللفظ الأحسن؛ كأنه قال: هذه الحروف هي أجزاء ذلك الكتاب.
ومثل هذا في ذكر نُبَذٍ، تنبيهًا على نوعه، قول ابن عباس في قوله تعالى: ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ [التكاثر: 8]: أنه الماء الحار في الشتاء، ولم يُرِدْ به أن النعيم ليس إلا هذا، بل أشار إلى